[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع جديد رائع قرأته وأعجبنى
( الرسول القائد )
نتناول اليوم في موضوعنا قصة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم من جانب واحد فقط من جوانب حياته العطرة و هذا الجانب هو الجانب القيادي
لا شك أن هناك قادة كثر عظماء إن جاز التعبير مروا عبر التاريخ و خلد أسماء بعضهم و لكن هل بقيت أثار إنجازتهم موجودة بعدهم لفترة طويلة _ طبعا أنا لا أقصد القلاع و غيرها من المباني و المدرجات بل أقصد الولاء و متابعة النهج و السمع الغيبي و الطاعة العمياء _ بالطبع على ما أعتقد لا أما رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم فنعم
و مما لا شك فيه أن النتائج تتناسب طرداً مع الوسائل والأساليب المستخدمة لتحقيق تلك النتائج وهذه البديهية تنطبق تماماً على جميع وكافة المجالات وتظهر بصورة واضحة وجلية في المجال العسكري أو القتالي وحينما نتناول الجانب العسكري في عهد الرسول القائد صلى الله عليه وسلم فإننا نقف مبهورين أمام النتائج العظيمة التي تحققت خلال بضع سنين وهي الفترة المحصورة بين هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام من مكة إلى المدينة وحتى انتقاله إلى الرفيق الأعلى
ولابد أن لنجاح القيادة السياسية نقاط نختصرها كما يلي:
1_ استيعاب هذه القيادة لدعوتها وثقتها بها وبأحقيتها، وثقتها بانتصارها، وعدم تناقض سلوك هذه القيادة مع ما تدعو إليه.
2_ قدرة القيادة على الاستمرار بالدعوة تبليغاً وإقناعاً.
3_ قدرة القيادة في استيعاب المستجيبين للدعوة تربية وتنظيماً وتسييراً.
4_ وجود الثقة الكاملة بين القيادة وأتباعها.
5_ قدرة القيادة على التعرف على إمكانية الأتباع وأن تستطيع الاستفادة من كل إمكاناتهم العقلية والجسمية أثناء الحركة.
6_ قدرة القيادة على حل المشاكل الطارئة بأقل قدر ممكن من الجهد.
7_ أن تكون هذه القيادة بعيدة النظر مستوعبة للواقع.
8_ قدرة هذه القيادة على الوصول إلى النصر والاستفادة منه.
9_ قدرة هذه القيادة أن تحكم أمر بناء دولتها إحكاماً يجعلها قادرة على الصمود والنمو على المدى البعيد.
* وما عرف التاريخ إنساناً كمل في هذه الجوانب كلها إلى أعلى درجات الكمال غير محمد -صلى الله عليه وسلم- مع ملاحظة أن كمالاته هنا جانب من جوانب كمالاته المتعددة التي لا يحيط بها غير خالقها
السياسة العسكرية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم:
كما هو واضح من المهمة التي كلف بها الرسول الكريم من المولى سبحانه وتعالى في قوله: (وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير )[الشورى : 7].إن الإنذار سوف يكون من خلال مراحل وأسبقيات، وحيث سيكون هناك مرحلة تسبق الإنذار يمكن أن تسمى بمرحلة الاستمكان؛ لأن المجتمع الوحيد بالمدينة بدأ خطوته من أول السلم وكان لا بد وأن يمر بهذه المرحلة حتى يكون قادراً على تنفيذ الأمر الإلهي بنشر كلمة الحق في ربوع العالمين، ومن هنا يمكننا القول أن السياسة العسكرية الإسلامية في عهد الرسول القائد تضمنت ثلاث مراحل كالآتي:
أ مرحلة الاستمكان:
(1) معركة بدر
(2) معركة أحد
(3) معركة الخندق
ب مرحلة التعرض والهجوم داخل شبه الجزيرة العربية أو ( إنذار أم القرى ):
(1) معركة فتح مكة
(2) معركة وادي حنين
ج مرحلة التعرض والهجوم خارج شبه الجزيرة العربية أو ( إنذار من هم حول أم القرى):
1 ً معركة مؤتة:
(1) معركة تدريب وإعداد للجيش للتحول من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التعرض.
(2) تم من خلالها تقديم القدوة في التضحية بالنفس لإعلاء كلمة الحق، وحيث كانت التضحية في مرحلة الاستمكان دفاعاً عن العرض والأرض
(3) وفي هذه المعركة أيضاً اكتسب الجيش المسلم مهارات التحرك لمسافات طويلة وأسلوب السيطرة على هذا التحرك، وتوفير الإعاشة للقوات.
(4) كما اكتسب الجيش المسلم خبرة عظيمة في القتال تحت ضغط العدو، وذلك عندما استشهد القادة الثلاثة وتولى القيادة خالد بن الوليد، والذي قام بتنفيذ الانسحاب النموذجي لقواته.
(5) وعندما استقبل الصبيان الجيش العائد من مؤته: كانوا يصيحون ( يا فرار في سبيل الله ) فيرد الذي يعلم الغرض من المعركة صلى الله عليه وسلم: «بل هم الكرار في سبيل الله»
2 ً معركة تبوك:
(1) معركة إعداد وتدريب بين المرحلة الثانية ( التعرض داخل شبه الجزيرة العربية والمرحلة الثالثة التعرض خارج شبه الجزيرة العربية ).
(2) ونظراً لأن الجيش المسلم سوف ينطلق في المرحلة الثالثة إلى من هم حول أم القرى، وسوف يواجه الجيش المسلم دائما تفوق الطرف الآخر المادي ، لذلك ركز الرسول القائد قبل انتقاله للرفيق الأعلى على موضوع استنفار القوات، ومعروف بالطبع قصة الثلاثة الذين تخلفوا عن المعركة، وقام المجتمع المسلم بمقاطعتهم حتى نزل فيهم قول المولى عز وجل : (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم )[ التوبة : 118].
(3) ونظراً لأن الجيش المسلم خلال المرحلة الثالثة سوف يتجه شرقاً وغرباً وفي أماكن طقسها مغاير لطقس شبه الجزيرة العربية، وفي أماكن أخرى طقسها يتصف بالقسوة، فقد شاء المولى عز وجل أن تنفذ هذه المعركة في طقس سيءقاس، حتى أطلق على معركة تبوك: معركة العسرة.
بعض النتائج التي تحققت على يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم في هذا المجال :
1 بناء مجتمع إسلامي جديد في المدينة المنورة على أسس وأخلاقيات الإسلام على الرغم من التمزق الذي كان يحيا فيه مجتمع المدينة قبل وصول المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
2 توسيع رقعة المجتمع الإسلامي لكي تشمل شبه الجزيرة العربية بمساحة تصل إلى مليون ميل مربع، وهي مساحة تعجز وسائل القتال الحديثة عن تحقيق مثلها في نفس الفترة الزمنية، مع مراعاة أن جميع الأطراف المعادية التي واجهها الجيش المسلم كانت تتمتع بالتفوق البشري وكثرة المعدات إضافة إلى الخبرة القتالية ودراسة طبيعة الأرض
3 بناء جيش مسلم قوي قادر على حماية المجتمع الإسلامي وتوفير الأمن له، وأيضاً قادر على حماية الدعوة الإسلامية والدعاة وهم ينتشرون شرقاً وغرباً لإبلاغ كلمة الحق للعالمين
* و في النهاية أحببت أن أذكر مقتطفات من معركة أحد ليس من الناحية العسكرية بل من الناحية القيادية :
علم الحبيب صلى الله عليه و سلم أن جيش المشركين قادم
فاستشار أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين بالخروج خارج المدينة أو البقاء فيها مع أنه كان يفضل البقاء
فأشار الصحابة بالخروج فنزل عند مشورتهم مع انه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى فكيف أفعاله
و بعد قليل رجع الصحابة إلى أنفسهم و قالوا لعلنا أكرهنا الرسول صلى الله عليه و سلم على الخروج فرجعوا إليه
فقال (( ما كان لنبي أن يلبس لأمته ثم يضعها حتى يقاتل )) فلم يتردد
و خرجوا إلى أحد و اجتهد بوضع خطة القتال فكان النصر حليفهم إلى أن خالف الرماة أمره و تركوا أماكنهم رضي الله عنهم
تفرق المسلمون فجمعهم ما استطاع
عاد المشركون إلى قريش و في الطريق فكروا بانهم لم يفعلوا شيء فلا هم قتلوا محمد صلى الله عليه و سلم و لا هم دخلوا المدينة ، و قرروا العودة إلى المدينة و لكن الرسول القائد صلى الله عليه و سلم في هذه الأثناء كان قد عاد إلى المدينة و جمع أصحابه _ لم يبدأ بالتهرب من المسؤولية و يضع اللوم على الصحابة الذين أشاروا بالخروج _ و أمرهم بالخروج لملاحقة جيش المشركين ليس هذا فحسب و لا يخرج معهم إلا من شهد أحد
عندما سمع المشركين بهذا تابعوا طريقهم إلى قريش و عسكر الرسول القائد صلى الله عليه و سلم بالقرب من قريش أيام و ليالي حتى علمت العرب بذلك ثم عاد إلى المدينة بعد أن حول الهزيمة نصرا
معركة أولها كر و أوسطها فر و ختامها كر أليس هذا بنصر
نعم و الله الذي لا إله إلا هو لهو النصر
صلى الله عليك يا حبيبي رسول الله لم تترك مجالا في الخير إلا و كنت الأبرز فيه دون منازع
أسأل الله أن يعيننا على أن نقتدي بك و نهتدي بهديك و يجمعنا بك في الفردوس الأعلى
. آمين